كلام من نور

من وثق بالله أراه السرور ومن توكل عليه كفاه الأمور (الامام علي عليه السلام)

الاستفتاءات اليومية

استندتم في الحكم بحرمة حلق اللحية إلى رواية : ( حلق اللحية من المثلة ، ومن مثل فعليه لعنة الله ) ، وقد يناقش في الرواية من وجوه : أ - أن ترتب اللعنة لا يعني حرمة الفعل ، لكثرة ما ورد من ترتب اللعن على فعل المكروه أو ترك المستحب ، مما يكشف عن عمومه لأول مراتب البعد عن الله تعالى . ب - أن المنصرف من الرواية حلق لحية الآخرين بقصد إهانتهم وإذلالهم ، فإنها الحالة الطبيعية للمثلة . ج - أنه حكاية عن واقع قائم آنذاك ، حيث لم يكن حلق اللحية مألوفاً ومقبولاً اجتماعياً ، وليس تطبيقاً شرعياً ، أما إذا خرج عن ذلك فلا يترتب حكم المثلة عليه ، لعدم كونه مثلة .

أ - يندفع الأول بـ: أن اللعن ظاهر في الحرمة ومنصرف إليها ، ولو بلحاظ وروده مورد الردع عن العمل ، والأصل في الردع الحرمة ما لم يثبت الترخيص ، على ما ذكرناه من مبحث الأمر والنهي في الأصول ، على أن تطبيق المثلة في المقام كاف في البناء على الحرمة ، لما هو المعلوم من حرمة المثلة . ب - كما يندفع الثاني بـ: أنه لا منشأ للانصراف المذكور ، لظهور الحديث في مبغوضية الحالة الخاصة في نفسها وبعنوانها الأولي ، وتطبيق المثلة عليها تعبدي ، نظير قوله : ( الشيب نور فلا تنتفوه ) ، حيث لا مجال لحمله على خصوص ما إذا كان بهياً منيراً . وأما المعنى المذكور في السؤال ، وهو حلق لحية الغير بقصد إهانته وإذلاله ، فحرمته أهم من حرمة المثلة ، وأظهر من أن تحتاج إلى تطبيق عنوان المثلة ، لما فيها من انتهاك حرمة الله تعالى بانتهاك حرمة عبده المؤمن في بدنه وعرضه ، ودونها حرمة سبه وشتمه واحتقاره ، التي وردت فيها مضامين قاسية في الاستنكار والتنديد والردع ، لا تناسب لسان الردع المذكور في الحديث المستدل به ، بل هي أفظع أنواع الظلم الذي ورد فيه ما ورد ، مما لا يناسب اللسان المذكور ولا يشابهه . وبعد فهي ليست حالة شائعة ينصرف الإطلاق إليها ، كحلق اللحية بما هو زي يختاره أهل التجبر والاختيال ، وأشارت إليه نصوص كثيرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل البيت ( عليهم السلام ) . وقد روي أنه دخل على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مبعوث كسرى وهو حالق لحيته ، وقد أعفى شاربه ، فاستنكر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك منه ، حيث يقرب جداً بعمل الحديث المستدل به على ذلك ردعاً عن سريان هذا الزي وشيوعه بين المؤمنين . ويبعد جداً حمله على المعنى الآخر غير الشائع ، والذي هو أوضح حرمة وأشد من أن يكتفي فيه بهذا البيان ، ولا سيما وأن المعنى الأول هو مقتضى الإطلاق ، والمعنى الثاني يستبطن قيداً لا شاهد عليه . ج - ومنه يظهر حال الوجه الثالث ، فإنه إن أريد به أن حلق اللحية غير مقبول اجتماعياً بلحاظ كونه زياً لأهل التجبر والاختيال ، والترف والبطر ، فهو غير مستبعد ، إلا أنه لا يقتضي تطبيق المثلة . وإن أريد به أنه غير مقبول اجتماعياً ، لأنه من المستبشعات ، نظير قطع الآذان ، فتطبيق المثلة عليه - وإن كان مناسباً حينئذ - لا يناسب ما سبق من كونه زياً معروفاً لفئة خاصة ، قد لا يرضى الله تعالى بشيوعه ، وقد ورد الردع عنه . على أن ذلك كله تخرص لا شاهد عليه ، ولا يناسب إطلاق الحديث ولا لسانه ، بل لا يناسب تطبيق النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المثلة ، لعدم كون وظيفته تطبيق الكبريات الخارجية الواضحة ، نعم قد يتجه الاحتمال المذكور لو كان التعبير هكذا ( لما كان حلق اللحية مثلة فعلى الحالق لعنة الله ) . وبالجملة لا مخرج عن ظاهر الحديث من كون التطبيق تعبدياً ، مسوقاً تمهيداً للردع من أجل إدخال الأمر المردوع عنه تحت كبرى مستنكرة .

أنا مصري ، وأقيم حالياً بالخارج من عدة أسابيع ، بدون أي من أفراد عائلتي ، ولم أستطع صيام رمضان من البداية ( اليوم هو الثالث من رمضان ) وللأسباب التالية : أستيقظ يومياً من الخامسة والنصف صباحاً وأبدأ عملي ، وهو غير شاق ، وإنما يستدعي التركيز الشديد في السابعة والنصف وهذا لبعد المسافة بين السكن والعمل ، وينتهي العمل في الرابعة ، ومن ثم أذهب إلى مكان آخر لدراسة اللغة من الخامسة إلى الساعة الثامنة والنصف ، أي بعد المغرب بحوالي ربع ساعة ، وأنام في العاشرة ، وأشعر أني لا أستطيع الصيام مع كل هذا ، وخاصة لأني أدخن وأشرب الكثير من القهوة ، فهل يحق لي أن أفطر ؟ لأنني لا أطيق ذلك ، وما هي الكفارة ؟

إذا أمكن ترك العمل أو التقليل منه على نحو يمكن الصوم من دون حرج وجب الصوم ، وإذا أفطر حينئذ وجب القضاء والكفارة على كل يوم بعتق رقبة مؤمنة ، أو صوم شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكيناً ، وإذا كان الإفطار على الحرام كأكل النجس وجب الجمع بين خصال الكفارة الثلاثة .

ارشيف الاخبار